المعجزة بين صدر الإسلام وعصر التكنولوجيا
موقع رهبویان قم الاخباری/ثقافه وفن،✍🏽 د.رعدهادي جبارة
الأمين العام
للمجمع الدولي للقرآن
“المعجزة” موضوع شائك..فالبعض يقول إن التكنولوجيا المتطورة حاليا بدأت تحقق أمورا كانت تعد من المعجزات سابقاً.
وكان الناس يطلبونها من الأنبياء كأعمال مستحيلة التنفيذ وكمعاجز ودليلاً على أنهم رسل.
أنظر ماذا طلبوا من نبيهم:
{وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (۹۰) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (۹۱) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (۹۲) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا} (۹۳)
[سورة الإسراء]
فالطائرات والمركبات الفضائية جعلت رقيّ الانسان الى السماء شيئا عاديا!!
وتفجير العيون المائية من تحت الأرض غدت شيئا ميسوراً!!
واستنبات البساتين وصنع جنينة على الأرض بالاساليب الحديثة ما عادت معجزة!!
وإسقاط القذائف والقنابل من السماء عبر المدافع ومنظومات الصواريخ هو من ثمار التطور في صنع اسلحة الدمار الشامل!!
ومعرفة لغة التخاطب بين الحيوانات وفك رموزالشفرة الوراثية ومعرفة التطور الفيروسي وتشخيص ال D.n.a وبصمات الأصابع وو.. كل ذلك(المفيد منه) تم بفضل الله سبحانه بحيث ما عاد شيئا مستبعدا!!.
وهذا لا ينفي أن القرآن الكريم و سورُه لها خصوصية معينة وفرادة في البلاغة والرصانة لا تضارَع.
والبشر تمكّن في القرنين العشرين والحادي والعشرين من تحقيق أمور كان ينظر لها إنسان صدر الإسلام على أنها معجزات مستحيلة التحقيق آنذاك، إذ تمكن البشر الآن من خلال اختراع الكومبيوتر و اكتشاف النانوتكنولوجي و قوانين الجاذبية و الخوارزميات و المعادلات الكيمياوية و الخصائص الفيزيائية ، واختراق سرعة الضوء ، و المختبرات المتطورة عالية السرية من صنع أمور كانت تعد معاجز.
ونحن نرى أن البشرية رغم كل ذلك فهي ماتزال في أول الطريق ،وصدق الله (الذي علّم بالقلم.علّم الإنسان ما لم يعلم)
حين قال:
(وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)
وللموضوع صلة لاحقاً
القرآن معجزة، و شفاءالمريض كرامة
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ ۗ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
(لقمان/۲۷)
﴿وَيَٰاقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ قَرِيبٌ ﴾
[ هود: ۶۴]
بعد ما ذكرناه في مقالنا السابق من أن بعض الأمور كان يعد في قديم الزمان معجزة لأن الله كان يبعث بين فترة واخرى أنبياء للناس، و الناس عندما يأتيهم نبي جديد يطالبونه بمعجزة، و أحياناً يصل الأمر الى التحدي، ف”النبوّة في القرآن قرينة المعجزة، فليس من نبيّ دعا الناس إلى قبول دعوته والإيمان بها إلّا وتواءمت دعوته مع آيةٍ أو بيِّنةٍ، بحَسَب تعبير القرآن..ولذا تعدّ معجزة القرآن هي المعجزة الخاصة بالنبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله و سلم “(دراسات عقائدية؛سلسلة المعارف الاسلامية, نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.) .
إذن؛فالقرآن معجزة،وعطاياالله للأنبياءمعاجز،ولكن ليس كل”كرامة” معجزة.
ومؤخراً قرأت موضوعاً عن كتاب يتحدث عن أذكار المرحوم الشيخ بهجت في قم، فيَعتبر أن (حديث الكساء فيه آلاف المعجزات، و يقول:”إن فيه الآلاف من المعجزات، و إذا قام أحد بإحصاء معجزات هذاالحديث فقد قام بعملٍ مهم وكبير”)ثم يَعتبر شفاء المرضى بقراءته معاجز.[كتاب:”بهجةالدعاء”].
فهناك إذن خلط وضبابية في قضية(المعجزة) و علاقتها بقراءة حديث الكساء (نغض النظر الآن عن سنده).
وهناك من يرى أن شفاء المرضى بقراءة دعاء معين ليس معجزة فالمعجزة [آية] حسبما ذكر المفسرون و العلماء .
والقرآن الكريم وعد باستجابة الدعاء من قبل الله سبحانه،
فبعض من يتوسلون بحديث الكساء يشفيهم الله،كرماً و تفضلاً..
وبعض الذين يراجعون الطبيب يشفون،حتى لو لم يكونوا مسلمين.
وبعض الذين يتلون القرآن الكريم يشفون.
فإذن ؛موضوع الدعاء واستجابته هو رحمة وكرامة من الله على عبده الذي يدعوه ويتضرع إليه بشفائه.
وهذه قضية. وقضية (المعجزة) شيء آخر.
فالمعجزة تأتي لكي يبرهن بها [النبي] على كونه رسولاً من رب العالمين.
مثلا:
□القرآن الكريم معجزة
□وانشقاق القمرمعجزة
□وناقةصالح معجزة
□وعصا موسى التي ضرب بها البحر فانفلق معجزة ،وعندما ألقاها طفقت تلقف افاعي السحرة ؛معجزة.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا }
[الأعراف/۱۶۰]
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ☆ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ☆ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ☆ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ☆ قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ☆ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف۱۱۷-۱۲۲]
وأمثالها من المعاجز…
أما الدعاء (عند المشاهد المشرفة او تلاوة حديث الكساء وأمثاله)فهو مستحب واستجابة الله له رحمة للعبد الداعي ، وكرامة للمعصوم المتوسَّل به ،وفضل من الله لعبده المريض .
وباعتقادي إن تعبير البعض عن هذه الكرامات و صور الرحمة الإلهية ب [المعاجز] يفتقد الى الدقة العلمية والصواب، إذ أن المعجزة [آية ينزلها الله لنبيه للتحدي وإثبات نبوة رسوله للكفار كي يؤمنوا]. ولا ينبغي تعميم لفظ [المعجزة] على أمور أخرى.
وللبحث صلة فيما بعد.
☆☆الأمين العام
للمجمع الدولي للقرآن
ارسال دیدگاه
مجموع دیدگاهها : 0در انتظار بررسی : 0انتشار یافته : 0