الحسين و قرار المقاومة
كتب: الشيخ حبيب الجمري ليس من السهل ابداً ان شخصية في مقام الامام الحسين عليه السلام يتخذ قرارا يكلفه و صفوة أهل بيته و أصحابه كل هذه التضحيات، إلا أن يكون القرار ربانيا مكتوبا في اللوح المحفوظ.
موقع رهبویان قم الاخباری/ثقافه وفن : *الحسين و قرار المقاومة* كتب: الشيخ حبيب الجمري ليس من السهل ابداً ان شخصية في مقام الامام الحسين عليه السلام يتخذ قرارا يكلفه و صفوة أهل بيته و أصحابه كل هذه التضحيات، إلا أن يكون القرار ربانيا مكتوبا في اللوح المحفوظ، و ذلك لهدف عظيم و جلي يستحق هذه التضحيات . كانت المؤامرة السفيانية على اتم الجهوزية لاتمام صفقة سرقة الدين و في مراحلها النهائية، حيث تكون الرسالة المحمدية شاهدة حية او لا تكون!!
هنالك و في خضم هذا الخطر المحدق بالدين و الأمة انبرى سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام لتوجيه ضربة قاصمة و مميتة للمشروع السفياني الذي بدأ بانقلاب السقيفة و كان يراد له ان تكون ذروة نجاحه هي سيطرة و تمليك الطاغية السفيه يزيد بن معاوية ليكون خليفة المسلمين و مالك رقابهم و ثرواتهم .
لكن الامام الحسين عليه السلام و استجابة لأمر الله قرر رفض البيعة ، وهو يعني ابطال المشروع السفياني الذي يتظاهر بالقداسة و لكنه مشروع ظلم و فساد و إفساد . و هكذا كان الرفض واجبا ربانيا و الخروج خطوة حسينية في مشروع ملحمة كربلاء المقدسة.
*خروج الإمام الحسين بن علي عليه السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة سنة ۶۰ هـ* في سنة ۶۰ هـ، كانت الأمة الإسلامية تمر بفترة عصيبة، حيث أن الخلافة قد آلَت إلى شارب الخمور و راكب الفجور و قاتل النفس المحترمة يزيد بن معاوية بعد وفاة أبيه الطاغية السفاح معاوية بن أبي سفيان.
و كان يزيد قد استولى على مقاليد الحكم في العالم الإسلامي بعد فترة من التوتر السياسي، و فرض نفسه خليفةً دون أن يكون له أي شرعية سماوية أو موافقة من الأمة الاسلامية . في هذه الأوقات الحرجة، قرر الإمام الحسين بن علي عليه السلام، حفيد رسول الله صلى الله عليه و آله، أن يرفض مبايعة يزيد، و أن يقف في وجه الفساد الذي عمَّ في الدولة بل و يضع حدا لسرقة الخلافة الاسلامية من امامها و سيدها ليتلاعب بها صبيان الامويين و هم قردة الامة و خنازيرها .
*رفض مبايعة الطاغية يزيد* حاول الطاغية السفيه يزيد بن معاوية بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه خليفةً شرعيا للمسلمين حيث يمثل مقام رسول الله صلى الله عليه و آله ، فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة المنورة *الوليد بن عتبة بن أبي سفيان* كتابًا يخبره بموت معاوية ويأمره بأخذ البيعة بالقوة حيث جاء فيه: *«أما بعد ; فخذ حسينًا و عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير بالبيعة أخذًا شديدًا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا ،، و السلام».
* و هكذا جرت الأمور اذ انه و بعد اجتماع الإمام الحسين عليه السلام مع والي المدينة المنورة آنذاك، رفض الإمام الحسين أن يبايع يزيد بن معاوية، مؤكداً على موقفه الثابت في رفض الحكم الجائر الذي كان يزيد يمثلُه. و كان الإمام الحسين يرى في بيعة يزيد مخالفةً صريحةً لما جاء به الإسلام، ولذلك قرر أن يقاوم هذا الوضع بكل السبل الممكنة .
*قرار الخروج من المدينة المنورة* بعد رفضه مبايعة يزيد، قرر الإمام الحسين عليه السلام أن يخرج من المدينة المنورة برفقة عائلته و أصحابه، عازمًا على أن ينطلق إلى مكة المكرمة. وكان قراره هذا بمثابة خطوة حاسمة في مسيرته، فقد كان يعلم أن بقاءه في المدينة سيكون خطراً على حياته، و لذلك اختار أن يغادر المدينة بعيداً عن الخطر ، و لكي لا يعطي الفرصة للامويين ان يغتالوه قبل ان ينفذ المشروع الالهي الذي أوكل اليه حيث يكون ليس شهيدا فقط بل ثائرا شاهدا ايضا . و في نفس الوقت يحمل رسالة لأمة جده بأنهم لن يقبلوا الحكم اليزيدي الظالم.
*زيارة قبر جده رسول الله صلى الله عليه و آله* قبل أن يغادر الإمام الحسين عليه السلام المدينة المنورة، توجه إلى قبر جده رسول الله صلى الله عليه و آله ليودعه. و كانت مشاعر الحزن تملأ قلب الإمام الحسين و هو يقف أمام قبر جده رسول الله، وقد صلى هناك صلاةً وداع كادت روحه ان تزهق على صفحة قبر جده السيد الاعظم .
و كان يدعو الله أن يفرج عن الأمة الاسلامية و يعيد المشروع الالهي الى اهل البيت الذين جعلهم الله خلفاء الارض ليقموا دولة العدال الالهي . كان الإمام يشعر بحزن شديد، و هو يودع المدينة المنورة و يودع قبر جده الذي لم يكن يتوقع أن يراه مجددًا .
*الرؤيا الصادقة* خرج إلى قبر جده رسول الله ليودعه وصلى ركعات، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: *{اللهم هذا قبر نبيك محمد، وأنا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم إني أحب المعروف، وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحق القبر ومن فيه إلا اخترت لي ما هو لك رضى، ولرسولك رضى.}* قال: ثم جعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى، فإذا هو برسول الله قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله وبين يديه حتى ضم الحسين إلى صدره وقبل بين عينيه وقال:
*{حبيبي يا حسين كأني أراك عن قريب مرملا بدمائك، مذبوحا بأرض كرب وبلاء، من عصابة من أمتي، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى، وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قدموا علي وهم مشتاقون إليك، وإن لك في الجنان لدرجات لن تنالها إلا بالشهادة.}
* قال: فجعل الحسين عليه السلام في منامه ينظر إلى جده ويقول: *{يا جداه لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا فخذني إليك و أدخلني معك في قبرك، فقال له* رسول الله: *لابد لك من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة، وما قد كتب الله لك فيها من الثواب العظيم، فإنك وأباك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة، حتى تدخلوا الجنة.}
* قال: فانتبه الحسين عليه السلام من نومه فزعا مرعوبا ، فقص رؤياه على أهل بيته و بني عبد المطلب، *فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق ولا مغرب قوم أشد غما من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أكثر باك ولا باكية منهم.* *خروج الإمام الحسين من المدينة* وفي ليلة ۲۸ من رجب، و بعد تلك الرؤيا، قرر الإمام الحسين عليه السلام أن يخرج مع عائلته و أصحابه من المدينة المنورة.
كانت تلك الليلة باردة، مليئة بالرعد و البرق و المطر، وكان الحزن يلف قلوب الجميع. غادر الإمام الحسين المدينة وهو يحمل في قلبه ألم فراق الديار، و فراق قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله، لكنه كان يعلم أن الطريق الذي اختاره هو الطريق الصحيح الذي يجب أن يسلكه وهو يطلب الإصلاح في أمة جده محمد صلى الله عليه و آله .
*حزن أهل المدينة على فراق الإمام الحسين* بعد خروج الإمام الحسين عليه السلام، حلَّ الحزن الشديد على أهل المدينة المنورة. كانوا يودعون الإمام الحسين بألم و دموع، فهم يعلمون أن هذا الفراق قد يكون وداعًا أبديًا. دعوا له ببكاء و الحزن، متمنين له السلامة، و لكنهم كانوا يدركون أن الحسين خرج من أجل الحق والعدل،
و أنه يسير في طريق الشهادة الذي لم يكن فيه إلا العزَّ و الكرامة. *و اخيراً* خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة كان بداية لحركة عظيمة هدفها استعادة الحق وإقامة العدل في أمة محمد صلى الله عليه وآله.
وكان هذا القرار بمثابة شهادة حية على تمسك سيد الشهداء بالقيم التي جاء بها الإسلام ، و رفضه القاطع للظلم والفساد. و على الرغم من الصعوبات التي واجهها، فإن الإمام الحسين بقي دائمًا متمسكًا برسالته، و كانت الشهادة في كربلاء تجسيدًا لأسمى معاني التضحية والفداء.
برچسب ها
این مطلب بدون برچسب می باشد.
ارسال دیدگاه
مجموع دیدگاهها : 0در انتظار بررسی : 0انتشار یافته : 0