محاولة في فقه النص والحدیث :التوازن في الحياة

يقول القران الكريم في مطلع سورة الرحمن: " وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ * وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ." سورة الرحمن، اية 7.

موقع رهبویان قم الاخباری/ثقافه وفن: يقول القران الكريم في مطلع سورة الرحمن: ” وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ * وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ.” سورة الرحمن، اية 7.

يقول الملا عبد الرزاق الكاشاني في توضيح الايات: ‘{ والسماء } أي: سماء العقل { رفعها } إلى محل شمس الروح وثمر القلب { ووضع } أي: خفض ميزان العدل إلى أرض النفس والبدن. فإن العدالة هيئة نفسانية لولاها لما حصلت الفضيلة الإنسانية. ومنه الاعتدال في البدن الذي لو لم يكن؛ لما وجد ولم يبق ولما استقام أمر الدين والدنيا بالعدل، واستتب كمال النفس والبدن به بحيث لولاه لفسدا.

أمر بمراعاته ومحافظته قبل تعديد الأصول بتمامها لشدة العناية به وفرط الاهتمام بأمره، فوسط بينه وبين قوله:{ وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } [الرحمن، الآية:10].

قوله: { ألا تطغوا في الميزان } بالإفراط عن حدّ الفضيلة والاعتدال، فيلزم الجور الموجب للفساد { وأقيموا الوَزْن بالقِسْط } بالاستقامة في الطريقة، وملازمة حدّ الفضيلة ونقطة الاعتدال في جميع الأمور وكل القوى { ولا تخسروا الميزان } بالتفريط عن حد الفضيلة.

قال بعض الحكماء: العدل ميزان الله تعالى، وضعه للخلق ونصبه للحق.’ العدل في القران الكريم، والسنة الشريفة قد استخدم في اكثر من معنى، فهو تارة بمعنى الحق، وتارة بمعنى المنطق، وهنا في هذه السورة هذه المرة، يستخدم القران الكريم: (الميزان) في تحديد واضح وتأكيد على الدقة في التوازن في نظام الخلقة، أو نظام سنن الحياة الاجتماعية التي تبتني على التوازن المذهل، وعلى الاعتدال في كل شئ. قال علي (عليه السلام): “مع كل فرحة ترحة!” (راجع البحار، العلامه المجلسي، ج 77، ص 187) في هذه الروايه عنه (عليه السلام) يشير الى حقيقة وسنة من سنن الحياة، عادة ما يغفل عنها اغلب الناس؛ ألا وهي ان الدنيا لا تعطي ما هو مفرح، إلا ويصاحبها بالشكل الموازي ما هو ضده. فاذن مع كل فرحة ترحة. والترح هو الحزن، وجعله هنا مع تاء التانيث في النهاية للمقابلة مع الفرحة التي هي واحده فتقابلها الترحة.

ولهذا اذا كان الواحدة من الفرح قد حصلت، فلينتظر المرء ما يقابلها من ترحة حتى اصبحت القضية سنة مطردة، لا تنقضي ولا تتغير بل تبقى متحققة دائما وابدا من هنا يقول الشاعر: تريدها صفوا وقد طبعت على كدر… الى اخر البيت الشعري.

اذن الحياة قد علمتنا انها تعطي من جهة وتاخذ من جهة اخرى، وما على المرء الا ان يكون متهيئا لما قد يحزنه حتى لو حصل على ما يفرحه، حتى لا يتفاجأ ولا يكون الامر مدهشا له لكونها سنة الحياة وما عليه الا ان يعيش الحياة كما هي بمقتضى العقل، ولا يتمتع تمتع الحمقى، او يفرح بما هو منقضي وزائل.

لان ما يحزن سوف لا يفوته، ولا يمكن إلا ان يتحقق مصاحبا له، او قبله، او بعده، فيكون متهيئا لمستقبل الامر، باعتباره جزء من الكل او من المجموعة المتكاملة التي ينبغي تقبلها كما هي بالكمال والتمام.

*تطبيق من الحياة*

التوازن في الحياة امر مهم، وردود الافعال يجب ان تكون متوافقة مع سننها، فيجب أن نعيشها مع افراحها واتراحها، فنحمد الله تعالى على كل شيء لكونه هو الذي اعطى، وهو الذي اخذ وكل ذلك لاجل حكمة قد تخفى على الاذهان لكن لن يرفضها الحكيم العاقل.

آیت الله علي الحكيم