محاولة في فقه النص والحدیث *آفات العلم والعمل*
موقع رهبویان قم الاخباری/ثقافه وفن :یقول القران الکریم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ • كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.” سورة الصف، الاية ۲-۳
قال الطوسي فی التبیان: ‘قال الحسن: نزلت في المنافقين، يقول الله لهم { لم تقولون } بألسنتكم ما لا تفعلونه، فسماهم بالايمان على الظاهر. وقيل: نزلت في قوم كانوا يقولون إذا لقينا العدوّ لم نفر، ولم نرجع عنهم ثم لم يفوا بما قالوا، وقال قتادة: نزلت في قوم: قالوا: جاهدنا وأبلينا ولم يفعلوا. وقال ابن عباس ومجاهد: نزلت في قوم قالوا: لو علمنا احب الاعمال إلى الله لسارعنا إليها، فلما نزل فرض الجهاد تثاقلوا عنه، فبين الله ذلك. وقال قوم: هو جار مجرى قوله{ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } فان القول الذي يجب الوفاء به هو القول الذي يعتقد بفعل البر على طريق الوعد من غير طلب. وقوله { كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } إنما اطلق ذلك مع انه ليس كل قول يجب الوفاء به. لانه معلوم انه لا عيب بترك الوفاء فيما ليس بواجب الوفاء به، وإن الذم إنما يستحق بترك ما هو واجب أو ما أوجبه الانسان على نفسه بالنذر والعهد. والمقت البغض وهو ضد الحب.’
فی تفسیر ملا عبد الرزاق الکاشانی: ‘من لوازم الإيمان الحقيقي الصدق وثبات العزيمة، إذ خلوص الفطرة عن شوائب النشأة يقتضيهما، وقوله: { لم تقولون ما لا تفعلوا } يحتمل الكذب وخلف الوعد، فمن ادّعى الإيمان وجب عليه الاجتناب عنهما بحكم الإيمان وإلا فلا حقيقة لإيمانه، ولهذا قال: { كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون } لأن الكذب ينافي المروءة التي هي من مبادىء الإيمان فضلاً عن كماله إذ الإيمان الأصلي هو الرجوع إلى الفطرة الأولى والدين القيم وهي تستلزم أجناس الفضائل بجميع أنواعها التي أقلّ درجاتها العفة المقتضية للمروءة، والكاذب لا مروءة له فلا إيمان له حقيقة. وإنما قلنا: لا مروءة له لأن النطق هو الإخبار المفيد للغير المعنى المدلول عليه باللفظ والإنسان خاصته التي تميزه عن غيره هي النطق فإذا لم يطابق الإخبار لم تحصل فائدة النطق، فخرج صاحبه عن الإنسانية وقد أفاد ما لم يطابق من اعتقاد وقوع غير الواقع فدخل في حدّ الشيطنة فاستحق المقت الكبير عند الله بإضاعة استعداده واكتساب ما ينافيه من أضداده. وكذا الخلف لأنه قريب من الكذب ولأن صدق العزم وثباته من لوازم الشجاعة التي هي إحدى الفضائل اللازمة لسلامة الفطرة وأول درجاتها، فإذا انتفت انتفى الإيمان الأصلي بانتفاء ملزومه فثبت المقت من الله.’
الامام علي عليه السلام: آفة العلم ترك العمل به، وآفة العمل ترك الاخلاص.
غرر الحكم ودرر الكلم، حديث ۳۵٫
يتحدث الامام علي عليه السلام عن أهمية خطر يتهدد علم الانسان، ثم عمله، وأهم خطر يهدد الانسان العامل بعلمه. حيث يبين لنا انه اكبر آفة على العلم هو ترك العمل به، وهذا ما يجعله بلا قيمة تذكر، لانه لو كان مهما -كما يعتقده حامله- اذا لكان قد عمل به. ولما لم يعمل به، يفهم الناس انه علم لا قيمه له -بالتحديد لمن يحمله-، بدليل انه لم يرتب الأثر العملي عليه، ولم تظهر اثاره على حامله. اما قولنا، هذا سيفقد قيمته، اذ لا يكون له قيمة بلحاظ بقائه، فما اسرع ما يتلاشى ويختفي، وكأنه لا وجود له. اما بالنسبه الى آفة العامل بعلمه، فإنه يواجه مشكلة اعمق، واعقد، وهی اخلاصه لوجه الله تعالى عند العمل به. فان اداء الفعل من دون الاخلاص لوجه الله تعالى يجعله في معرض العناد، حيث تتداخل عوالم النفاق والمظاهر والرياء والسمعة واتباع المطامع الدنيويه بدلا من كونه خالصا لوجه الله تعالى. هذه اكبر آفة يمكن ان تهدد العالم العامل! فاذا كل عالم هالك، الا العامل، والعامل هالك، إلا المخلص، والمخلص في خطر عظيم!
*تطبيق من الحياة*
كم من نماذج كثيرة لاحظنا فيها ان بعض ممن يتسمى بالعلماء، لم يعملوا بما عملوه، أو ما عملوه لم يكن خالصا لوجه الله، ولذا فقد فشلوا وخسروا كل شئ، لأن الامتحان کان عسیرا. هذا هو سر التعبیر عن ذلك بالآفة، لأنه ينخر من الداخل ويحطم كل ما يبنيه الانسان.
آیت الله علي الحكيم
ارسال دیدگاه
مجموع دیدگاهها : 0در انتظار بررسی : 0انتشار یافته : 0