الخطب النبوية أرقى ما جاد به العقل البشري، لم تلق الاهتمام

هل يستحق اختفاء 1000خطبة جمعة من خطب رسول الله ص الاهتمام والمتابعة والحرص؟.

موقع رهبویان قم الاخباری/ ثقافه وفن. بقلم:د.رعدهادي جبارة الأمين العام للمجمع القرآني الدولي

هل يستحق اختفاء ۱۰۰۰خطبة جمعة من خطب رسول الله ص الاهتمام والمتابعة والحرص؟
مجرد تساؤل نطرحه في ديباجةالقسم الثاني من بحثنا المتعلق بتراث الرسول الأكرم ص.
عندما نجد الشعوب في العالم حريصة على جمع خطب وبيانات زعمائها وقادتها وتوثيقها وطباعتها في كتب ومجلدات عديدة ونفيسة و نجد أن هناك مجموعة كتب تتضمن خطب و بيانات زعماء الشعوب فمن حقنا ان نستغرب لذلك .فالصينيون اهتموا بخطابات ماوتسي تونغ، والروس جمعوا خطابات ستالين،و لينين،وغيرهما،و الفيتناميون جمعوا كلمات هو شي منه ،والهنود جمعوا وطبعوا بيانات وتعاليم غاندي، وخطابات جواهرلال نهرو، والمصريون جمعوا خطابات جمال عبد الناصر…وهكذا.
فما بالنا نحن المسلمين لانهتم بخطب نبينا الأكرم ولا نوثقها بما يناسبها من الأهمية الفائقة والاحترام البالغ والتوثيق المناسب والحرص الكبير عليها بينما هي أرقى ما جاد به العقل البشري منذ بدء الخليقة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.
على أننا لا ينبغي أن ننسى جهود الشريف الرضي وابن ابي الحديد المعتزلي في جمع و تبويب وتصنيف تراث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في موسوعة نهج البلاغة في ۲۰ مجلدا(أو أقل أو أكثر حسب الطبعات المختلفة) و من ضمنها الخطب و الرسائل والحكم القصار.
كما وصلت إلى أيدينا خطبة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء س وخطب الامام الحسين ع العديدة قبل و أثناء واقعة عاشوراء، و خطب السيدة زينب بنت علي ع واختها ام كلثوم، سواء في الكوفة أو الشام.

كما لاحظنا الاهتمام الفائق لإيران في جمع و توثيق وطباعةخطب الإمام الخميني بكتاب يقع في ۲۱مجلداً نفيس الطبع أخضر الغلاف عنوانه(صحيفه امام) و خطب القائد الخامنئي في كتاب قمت بترجمته إلى اللغة العربية عنوانه *(الحكومة في الاسلام)* في العام ۱۹۹۵ طبعته دار الروضة للنشر في لبنان في ۲۳۷ صفحة لأول مرة بغلاف ذهبي اللون،ثم أعيدت طباعته عدة مرات.وقبله ترجمت خُطب القائدين تحت عنوان *(حديث الشمس )* عام ۱۹۹۲ و يقع في ۲۶۹صفحة صدر في طهران.

لقدتعمدت إثارة موضوع خطب النبي ص في مقالي السابق تحت عنوان [حقا؛إنها خسارة كبرى للبشرية] لإلفات النظر الى غياب جزء كبير من تراث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في كتب السيرة و الصحاح ومؤلفات المؤرخين؛ (الشيعة والسنة على حد سواء) في مقابل حصولنا الآن بسهولة على المعلقات السبع (أو العشر) للزوزني و غيره من خطب و قصائد الأدباء والزعماء.
فهل زَهِد المسلمون بجمع خطب نبيهم و اهتموا كثيرا بغيره من الخطباء والشعراء؟ولماذا؟.
شخصيا أعتبر إهمال خطب النبي ص ورسائله إلى زعماء العالم المعاصرين له إهمالاً لامبرر له من معاصريه،بل جريمة ارتكبها الامويون بمنعهم كتابة الحديث النبوي(و حتى خطب الجمعة النبوية)وقيامهم بحرقها خلافاً لتعاليم القرآن وقوله عز وجل *{لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}* [التوبة – ١٢٨] وقوله تبارك وتعالى *{وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقابِ}* [الحشر – ٧] و قد حرمونا من تعاليم فذة و توجيهات سامية و معارف قويمة ونصائح رائعة وعلوم نيّرة لاتُقدَّر بثمن وتفوق في الأهمية كل ما عداها ،مما حرم الإنسانية من كل تلك المضامين السامية و المعارف الراقية في الخطب النبوية وهي تجسد نهج خاتم الأنبياء الذي هو خير وُلْدِ آدم منذ خلقته إلى يوم يبعثون.
*(إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ}*
[سورةق – ٣٧]