محاولة في فقه النص والحدیث :من هم شر البرية؟
موقع رهبویان قم الاخباری/ثقافه وفن:محاولة في فقه النص والحدیث *من هم شر البرية؟* يقول القران الكريم: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ.” سورة البينة: الاية 6
قال الملا عبد الرزاق الكاشاني: ‘القيام بحقائق الزهد من الترك والتجريد كالزكاة التي هي أساسها وذلك بعينه دين الكتب القيمة التي يتلوها هذا الرسول. فالملة الحقيقية الحنيفية واحدة من لدن آدم إلى يومنا هذا، وهي ملازمة التوحيد وسلوك طريق العدالة الشاملة للأصلين الآخرين فلو لم يحتجبوا بأهوائهم ولم يحرفوا كتبهم ويتعصبوا بظهور نفوسهم السبعية ولم يقفوا مع شهواتهم ولم يحتجبوا بتوهماتهم وتصوّراتهم بظواهر أوضاعهم وعاداتهم وأمانيهم ومراداتهم عن حقائق ما في كتبهم لكان دينهم هذا الدين بعينه.
فالحاصل أن المحجوبين من أيّ الفرق كانوا هم شرّ البرية في نار جهنم الآثار قعر بئر الطبيعة.’ من خلال شرح الايات والتأمل في المضامين نتفهم بأن المشكلة هي اخلاقية وتتجسد في طبيعة السلوك البشري الذي لا يعي للقيم معنى، ولا يعطي للفضيلة وزنا، فيقابل النعمة بالكفر، ودلائل الايمان بالجحود، ويرفض الاحسان بالإساءة. قال الامام علي (ع): “شر الناس من كافي على الجميل بالقبيح.” غرر الحکم حديث 5750
إن مقتضی الطبیعة السویة للکائن الحي أن یجازی الاحسان بالاحسان وأن يقابل المعروف والجميل بما هو مثله. المشكلة كما يلخصها الامام علی (ع) أن مثل هذا الشخص الذي يقابل الجميل بالقبيح هي أنه قد خرج عن مقتضيات الفطرة السليمة, حيث إنه يقابل الجمیل بالقبيح وهو خلاف الفطرة السلیمة والخلق القدیم وبذلك فقد خرج عن ما هو أدنی الحق، وتجاوز الی المقابلة بالقبيح، ولا يخرج بهذا الأمر إلا من طبيعة شريرة ، بل هو من شر الناس واقبحهم.
مثل هذا الشخص انما يجعل من شر البرية، لأنه خرج عن أبسط القيم والمبادئ الأخلاقية، فقد تجاوز ما عرف بکونه آخر ما تبقى للبشرية من ناموس الأنبياء وقيمهم: ‘عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به’؛ فإذا كان الطرف المقابل قد عامله بالجميل فلا يحق له أصلاً مقابلته بالقبيح.
لكن قد يطرح السؤال هو أنه لماذا يتعامل بعض الناس بهذه الطريقة الفجة؟ الجواب : أن هذا الأمر إما يكمن فی طبيعتهم الشریرة التي لا تعرف الجميل، وقد تعودت على الرجس والتعدي على حقوق الآخرين أو لكون الشخص من شدة جهله، لا يعرف أن ما صدر من الطرف المقابل إنما هو عين الحق وجميل، ولكونه لفرط جهله يتصوره شرا فيقوم بمجازاته بالقبيح.
الاحتمال الثالث هو لإحتمال كونه ضعيف النفس برغم من معرفته بالحق ویمیز بین الجميل وبین القبیح, لكنه -لشدة ضعف نفسه- یختار الشر ویرجحه على الخير، كل هذه الاسباب تقودنا الی نتيجة کونہ شر الناس. *تطبيق من الحياة* يبدو أن مشكلاتنا في عالمنا المعاصر تظهر في هذه الحالة، التي يتهاوى فيها الانسان الى أدنى الدركات، حيث يقابل الخير بالشر، ويجازي الاحسان بالإساءة مع الأسف الشديد.
آیت الله علي الحكيم

ارسال دیدگاه