محاولة في فقه النص والحدیث:

ضرورة اعتماد المشروع للوصول الی الغاية الحق

قال الطوسي في التبيان: 'اللبس، والستر، والتغطية، والتعمية، نظائر. والفرق بين التعمية، والتغطية ان التعمية قد تكون بالنقصان والزيادة، والتغطية تكون بالزيادة, وضد الستر: الكشف.

موقع رهبویان قم الاخباری/ثقافه وفن :محاولة في فقه النص والحدیث
*ضرورة اعتماد المشروع للوصول الی الغاية الحق*

يقول القران الكريم: “وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.” البقرة: الآية ۴۲

قال الطوسي في التبيان: ‘اللبس، والستر، والتغطية، والتعمية، نظائر. والفرق بين التعمية، والتغطية ان التعمية قد تكون بالنقصان والزيادة، والتغطية تكون بالزيادة, وضد الستر: الكشف. وضد اللبس: الايضاح’… حتى يقول: ‘ويقال: لبست الأمر ألبسه: إذا عميته. ومنه قوله:{ وللبسنا عليهم ما يلبسون }….والفرق بين اللبس، والاخفاء، والريب، والاشكال. أن الاخفاء يمكن أن يدرك معه المعنى. ولا يمكن إدراك المعنى مع اللبس. والريب معه تهمة المشكوك فيه. والاشكال قد يدرك معه المعنى، إلا أنه بصعوبة، لأجل التعقيد. وأسباب الالباس كثيرة: منها ـ الاشتراك. ومنها ـ الاختلاف. ومنها ـ الاختزال. وهو: حذف مقدمه وشرطه، أو ركنه… ومنه قول النبي ” صلى الله عليه وسلم ” للحارث بن خوط: ” يا حار، إنه ملبوس عليك. إن الحق لا يعرف بالرجال. إعرف الحق تعرف أهله “.’
من خلال ما تقدم يتضح أن احدى حيل الابالسة والشياطين -من اجل ضلال الخلق وتحريف الحق- هو تزيين الباطل لهم، وخداعهم؛ تارة من جهة خلط الامور، وتقديم المثل المنخفضة على انها القدوة، وتارة من جهة محاولة الايهام ورفع حظر بتبريره من باب أن الغاية عظيمة وشريفة وتستحق التنارل عن المبادئ من اجل الوصول الى المطلوب.. وهذا باب كبير من ايقاع الخلق في الباطل، أو مصيدة لهم من حيث لا يشعرون، او في الواقع من حيث يعلمون، ولكنهم يجهلون أنه سيكون في ضررهم، فيلتبس الامر، وقد نهى القران الكريم بصراحة عنه..

قال الامام الحسين(ع): “من حاول امراً بمعصية الله كان افوت لما يرجو، واسرع لما يحذر.”
تحف العقول، النص ص. ٢٤

يعلمنا الامام الحسين (ع) امرين الاول هو ان الانسان يسعى الى قضاء حوائجه، الثاني: لكن يجب ألا يكون ذلك بمعصية الله تعالى. ذلك لان الغاية مهما كانت عزيزة، لا يجوز ان تقود الانسان الى ارتكاب المحرم لأجل الوصول الى ما يبتغيه.
ان التوسل بالمعاصي لاجل الوصول الي ما يريده الانسان ستكون له عواقب سيئة، لانها ستكون افوت لما يرجو، بمعنى أنها ستعجل في محروميته ومنعه لما يبتغيه. ستكون اسرع لما يحذر من الوقوع في المحظور، وهو لذلك سيرتكب الحرام، لأن ذلك سيعجل به للوقوع فيما يحذر. هكذا سيكون افوت له لما يرجو، حيث ستفوت الفرصة عليه بشكل اسرع.

قد يتصور البعض أن مبدأ التزاحم المقبول اصوليا في تقديم احد الواجبات على الاخرى، هو مقتضى الميكافيلية المنبوذة، فلماذا يتم الاعتراض؟! الجواب: هذا غير صحيح، لأن التزاحم يفترض واجبين يتزاحمان عند الامتثال، ولا يمكن اداؤهما معا في ظرف واحد مضيق، فيقدم الأهم! إن تشخيص ما هو الأهم، بيد العارف الرباني والفقيه العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم.. فلا يحق لكل من هب ودب، التنازل عن المبادئ والتضحية بها لمجرد محاولة الوصول الى غاية مهما كانت شريفة.. لهذا فإن هذا العلم شريف، وفروعه دقيقة، ولا يجوز التسرع في الحكم ولا التسامح فيه، لأن دين الله لا يصاب بالعقول القاصرة، فلا يجوز أن يكون حالنا حال المتلاعب بالباطل الذي يخلط الأوراق، ويبرر التعدي، ويتقبل الظلم..

*تطبيق من الحياة*
.ان مبدا الميكافيلية الذي يتبعه -مع الاسف- اكثر الفاسقين، بل حتى عند بعض من يحسبون على المتدينين -على حد سواء-؛ يقول أن: الغاية تبرر الوسيلة، وهذا كثيرا ما يوقعنا في العديد من الموارد المهلكة، ويجعل الانسان يسير الى حتفه بيده، وهو يحسب انه يحسن صنعا! لذا علينا ان نحذر من ارتكاب المعاصي حتى لو كانت الغاية شريفة. إن الغاية لا تبرر الوسيلة، والحرام لا يمكن ان يكون مقدمة الى عبادة.

علي الحكيم -لندن