القاضي بشير العكرمي: مفتاح عقدة العشرية على تآمر الدولة العميقة ضد ديمقراطية تونس
موقع رهبویان قم الاخباری/دولی؛بقلم: عماد بالشيخ صحفي و محلل سياسي من تونس: تابعت بكل عناية واهتمام، ما ورد في تقرير فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة، والذي عبّر بوضوح عن قلقه العميق إزاء استمرار احتجاز القاضي التونسي بشير العكرمي، واعتبر اعتقاله تعسفيًا، مشيرًا إلى ما يتضمنه من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي و”الإخلال الفاضح بمعايير المحاكمة العادلة”، إلى جانب تسييس المؤسسات القضائية في الجمهورية التونسية. العكرمي… من منصة القضاء إلى موقع الشاهد على الجريمة لم يكن بشير العكرمي مجرد قاضٍ يؤدي مهامه داخل أروقة العدالة، بل كان فاعلًا حاضرًا في مفاصل حساسة خلال العشرية الماضية، فترة مفصلية من تاريخ تونس المعاصر، اتسمت باضطرابات أمنية، اغتيالات سياسية، وتغوّل أجهزة الدولة العميقة. منذ اندلاع الثورة وحتى اللحظة، ظلّ العكرمي عنصرًا مركزيًا في ملفات الإرهاب، الاغتيالات، والتحقيقات القضائية المرتبطة بها.
إلا أن المفارقة تكمن في أنه، بدلًا من أن يُمنح الحماية والدعم لكشف الحقائق، أصبح اليوم معتقلًا، وفي ظروف تتنافى مع أدنى معايير دولة القانون. لماذا يُستهدف العكرمي الآن؟ التساؤل الذي يطرحه مراقبون وحقوقيون هو: لماذا هذا الإصرار على كسر الرجل؟ لماذا تُساق آلة الدعاية والصفحات المشبوهة والاتهامات الممنهجة ضده؟ الإجابة الأقرب إلى الواقع، وفق تحليلاتنا وتتبعاتنا، تتمثل في أن القاضي بشير العكرمي يمتلك من الوثائق والمعطيات ما يمكن أن يُسقط أقنعة كثيرة، ويُدين أطرافًا نافذة تورطت في تدمير المسار الديمقراطي التونسي خلال السنوات الماضية. فالعكرمي ليس فقط شاهدًا، بل حارس ملفات خطيرة، قد تُفكك الشبكات التي استثمرت في الإرهاب والتهريب والتوظيف السياسي للعدالة، بل وربما تكشف أدوارًا لم تُسلط عليها الأضواء بعد.
في عهد الانقلاب… من يحكم تونس؟ وماذا يُراد للقضاء؟ في مناخ متوتر، عنوانه تفكيك المؤسسات، تقويض استقلالية القضاء، ومحاصرة الأصوات المخالفة، تتعرض شخصيات قضائية، من بينها القاضي العكرمي، إلى حملات تشويه واعتقالات بدون سند قانوني واضح، في ظل صمت دولي غير مبرر وتواطؤ محلي خفي. وقد تزامن نشر تقرير الأمم المتحدة مع حملة ممنهجة أطلقتها أطراف محسوبة على النظام الحالي، بهدف شيطنة القاضي والتشكيك في ماضيه، رغم أن التقرير الدولي كان واضحًا في اعتباره ضحية وليس متهمًا. العكرمي…
بداية كشف الحقيقة لا نهايتها إن استمرار احتجاز القاضي بشير العكرمي ليس فقط انتهاكًا لحقوقه الشخصية، بل رسالة موجهة لكل قاضٍ أو مسؤول قد تسوّل له نفسه الكشف عن الحقائق التي أرّقت منظومة الفساد السياسي والأمني. لكن الحقيقة لا تُدفن.
وملفات العشرية التي يراد طيها بالقوة، ستخرج يومًا، وستُفتح. والبشير العكرمي، شئنا أم أبينا، سيظل مفتاح هذا اللغز المؤجل. كلمة أخيرة إن التهجم على العكرمي اليوم، وبعد صدور تقرير أممي يدينه، يكشف حالة فزع سياسي وقضائي تعيشها منظومة الحكم الحالية، التي تدرك جيدًا أن “القاضي الشريف” لم يكن خصمًا سياسيًا، بل شاهدًا مزعجًا على ما اقترفوه في حق وطن كان يحلم بالديمقراطية… فوجد نفسه في قبضة الانتكاسات والانقلابات المقنّعة.
ارسال دیدگاه